في 28 نوفمبر 1899، انشأ هانز جامبر نادي برشلونة بمشاركة 8 أفراد آخرون عاشقون للعبة كرة القدم التي لم تكن معروفة بالشكل الكبير في هذا الجزء من العالم في هذا الوقت.
لم يكن جامبر يعرف حينها حجم هذه المبادرة التي اتخذها والي أي مدي ستتطور في المستقبل.
فعلي مدار أكثر من قرن، عظم قدر نادي برشلونة في جميع الأنحاء وتطور إلي ما هو ابعد من نادي للرياضة حتى تحول شعار النادي " أكثر من مجرد نادي" إلي حقيقة.
لقد تحول البارسا بالنسبة إلي الملايين حول العالم إلي رمز في شخصيتهم، ليس علي المستوي الرياضي فقط، بل علي مستوي المجتمع والسياسة والثقافة أيضا.
فخلال أحلك الأوقات، كان البارسا هو الراية التي تمثل إقليم كتالونيا ورغبة الكتالونيين في الحرية، وحتى هذه اللحظة يحافظ النادي العريق على هذه القيمة.
ففي داخل اسبانيا، ينظر إلي برشلونة كنادي انفتاحي وديمقراطي. أما حول العالم، فينظر له كنادي يهتم بالرعاية خصوصا بالأطفال وذلك من خلال اتفاقية الرعاية الموقعة مع اليونيسيف.
لقرن كامل، مر نادي برشلونة بلحظات من الفرح وأخري من الألم، فترات من النجاح وأخري من الفشل، لحظات من الانتصارات البطولية وأخري من الهزائم المذلة. ولكن كل هذه اللحظات المختلفة المشاعر ساعدت في تكوين شخصية نادي يعتبر فريدا في العالم طبقا لطبيعته الخاصة.
في خلال أكثر من قرن من الزمان، مرت العديد من الفترات المختلفة علي النادي علي المستوي الاجتماعي والرياضي أيضا.
ففي السنوات الأولي وبالتحديد ما بين 1899 و1922، منذ نشأة النادي إلي بناء إستاد لي كورتس، كان علي برشلونة أن يميز نفسه عن بقية فرق كرة القدم الاسبانية جميعا للنقطة التي يتمكن من خلالها تمثيل مدينة برشلونة ككل.
لم يمضي وقت طويل حتى تمكن برشلونة من أن يصبح أفضل فريق كرة قدم في كتالونيا، كما تمكن من تنمية شعور الشخصية الكتالونية في داخله.
أما في فترة ما بين بناء إستاد لي كورتسفي عام 1922 حتى بناء إستاد كامب نو في عام 1957، فقد مر النادي خلال فترات متباينة. فعضويته وصلت إلي الرقم 10 ألاف للمرة الأولي،بينما تمكنت كرة القدم في التطور إلي ظاهرة والتحول إلي الاحترافية.
وشهدت هذه السنوات ظهور أكثر من أسطورة مثل الكانتارا وساميتير.
ولكن بسبب المصاعب السياسة التي واكبت الحرب الأهلية في اسبانيا وما خلفته، شهد النادي ظروف اضطرارية معاكسة منها اغتيال الرئيس جوسيب صنيول في عام 1936 والأخير هو الذي نشر شعار " الرياضة والمواطنة".
وعلي الرغم من كل ذلك، تمكن النادي من المواصلة خلال فترة من التعافي الاجتماعي والرياضي والتي نتج عنها تشييد إستاد كامب نو تبعها وصول لاعب ذو تأثير كبير في تاريخ النادي وهو لاديسلو كوبالا.
أما الفترة ما بين بناء إستاد كامب نو في عام 1957 حتى احتفال النادي بمرور 75 عاما علي إنشائه في عام 1974، عاني البارسا من تحقيقه لنتائج متوسطة ولكنه وقف أمامها ككيان واحد.
خلال هذه الفترة، استمر عدد أعضاء النادي النادي في الزيادة بالرغم من أن تعافي النادي من المحنة لم يتحقق بالشكل السريع.
ولأول مرة في تاريخ النادي وكبرهان علي شعار "أكثر من مجرد نادي" والذي صرح به الرئيس نارسيس دي كاريراس، تمكن مجلس الإدارة برئاسة اجوستي مونتال من الحصول علي خدمات لاعب من شانه أن يغير تاريخ النادي وهو يوهان كرويف.
من مرور 75 عام علي إنشاء النادي حتى الحصول علي الكأس الأوروبية في عام 1992، شهد برشلونة تحول أندية كرة القدم إلي الديموقراطية، بداية الرئاسة الطويلة لجوسيب لويس نونيز، توسيع إستاد كامب نو لمناسبتي كاس العالم 1982 والفوز بكاس الكؤوس الأوروبية في بازل عام 1979، نجاح كبير ليس علي المستوي الرياضي فقط بل الاجتماعي أيضا، حملات ومظاهرات كثيرة ومنظمة من قبل مشجعي برشلونة في أوروبا من اجل وحدة برشلونة وأعلام كتالونيا.
وعاد كرويف مرة آخري لبرشلونة ولكن هذه المرة كمدرب وصنع ما اسماه العالم "بفريق الأحلام" في الفترة ما بين 1990 و1994 والذي تمكن من الفوز بالكأس الأوروبي في عام 1992 في إستاد ويمبلي بهدف كويمان الشهير.
هيمنة دولية. من ويمبلي لأبوظبي (1992-2009)
ما بين ويمبلي 1992 وروما 2009، شهد برشلونة احدث التطويرات في تاريخه بتحقيقه بطولة دوري ابطال أورويا (ويمبلي 1992) و(باريس 2006)، و(روما 2009)، وكأس العالم للاندية في أبوظبي.
أتت فترة رئاسة نونيز الطويلة إلي النهاية، وقدم النادي اكبر جهد له خلال الاحتفالات بمرور قرن علي تأسيسه.
وعقب انتهاء فترة رئاسة خوان جاسبرت التي امتدت لثلاث سنوات ما بين 2000 و2003، قدمت انتخابات يونيو 2003 رئيسا جديدا وهو خوان لابورتا والتي شهدت فترة رئاسته اتساعا اجتماعيا بوصول عدد الأعضاء إلي 172,938 وانتصارات علي ارض الملعب من خلال الفوز بأربعة ألقاب للدوري المحلي ولقبين لدوري أبطال أوروبا عامي 2006 في باريس و2009 في روما.
وليس غريب علي برشلونة أن يكون ناديا ذو فخامة كبيرة من حيث قائمة انتصاراته والتي يضاف إليها عوامل أخرى كثيرة، فقليلة هي الأندية في العالم كله التي أحرزت العديد من الألقاب.
وإذا كانت تلك هي االكرز فترات برشلونة الأوروبية، يبقي البارسا هو الفريق الوحيد الذي شارك في جميع بطولات دوري أبطال أوروبا منذ عام 1955، بالإضافة إلي كونه ملك الأندية الأوروبية في بطولة كاس الكؤوس والتي يملك فيها رقما قياسيا بتحقيقها 4 مرات في التاريخ.
بالإضافة إلي ذلك، فاز برشلونة بالنسخة القديمة لكاس الاتحاد الأوربي 3 مرات أعوام 1958 و1960 و1966.
وفي عام 1971، فاز برشلونة بهذه الكأس نهائيا بعد مباراة أقيمت بينه بصفته أول من فاز بهذه الكأس وبين ليدز يونايتد الانجليزي الفائز بأخر نسخة لها.
سيطرة برشلونة لم تكن في أوروبا فقط، بل كانت أيضا في اسبانيا وبالأخص في كاس الملك الاسباني والتي فاز بها 25 مرة، وهو رقم لم يصل إليه أي نادي اسباني آخر.
ففي موسم 2008/2009، جاء المدير الفني بيب جوارديولا الذي منح الفريق الطاقة التي جعلته يحقق ستة ألقاب في موسم واحد الأمر الذي لم يحدث مثيله في تاريخ النادي ولا يزال عالقا في أذهان وعقول جماهير البارسا.
فالفوز على الصعيد الكروي، ساهم في توسيع دوره الاجتماعي، وإبراز الوضع الاعلامي. ففي موسم 2009/2010، قاد جوارديولا – في عامه الثاني – فريق البارسا للفوز بالدوري الاسباني للمرة الثانية على التوالي، والعشرين في تاريخ النادي، محققا 99 نقطة، حيث لم يتحدد اللقب حينها إلا في يومه الاخير في مباراة امام بلد الوليد.